العقل العملي في ضوء دراسات الصدر الاُصولية / إحياء اُفق الصدر رضوان الله عليه
العقل العملي في ضوء دراسات الصدر الاصولية
السيد عمار أبو رغيف
مقتبس من كتاب / الحكمة العملية. دراسات في النظرية وآثارها التطبيقية.
قبل ستة وعشرين عاماً تقريباً، حيث بدأت أتفرغ لدراسة العلوم الاسلاميّة، سألت العلاّمة الدكتور عبد الهادي الفضلي أن يقارن لي بين مطمح رؤانا السيد محمد باقر الصدر، وبين أحد أعلام شيوخ العلم من أساتذة النجف (116)، فقال لي: إن الثاني أقوى من السيد محمّد باقر، لكن السيد محمّد باقر أوسع أفقاً. حفظت إجابة الفضلي، وكنت أتمنى حينها أن تكون غير ذلك، لانني كنت أفهم الترجيح العلمي بالاقوى والاعمق، وكنا نرى لصاحبنا كلّ فضائل المعرفة بأفعال التفضيل. حفظت الاجابة ولم أتوفر ـ عام ورودي جامعة العلم في النجف الاشرف ـ على وعيها كما تستحق من الوعي.
لقد كان الثاني أسنّ من الصدر بعقدين من السنين، فكان طبيعياً أن يكون أكثر ثباتاً وأرسخ قدماً فيما قرأ وحفظ من أفكار السلف وما اختار منها، ثم إن فضيلة العلم وأساس الاجتهاد الحقّ هو أفق الباحث، لا ما تمرس على حفظه وعرضه من نظريات، وما تترس به من قوة الجدل في الدفاع عنها.
فالأول يرتبط بالاستعداد والنبوغ، والثاني يرتهن بالعمر والممارسة.
وها أنما ذا أحرر هذا البحث تحت شعار "إحياء أُفق الصدر"، وقد كتبته استجابة لطلب حثيث، في الوقت الذي أتابع فيه كتابة دراستي "المنطلقات العقلية للبحث في علم أصول الفقه"، هذه الدراسة التي ترتبط بمساس مع هذا البحث، والتي تضمنت العمود الفقري لأفكاره. فتحت شعار إحياء أفق الصدر أكتب ما أكتب، ولا أهدف متابعة تقليدية لأبحاث "الحسن والقبح" وما لابسها من تفاصيل، ولا أهدف إضافة مادة جديدة تثقل ما أثقلنا من بحث وتشويش، إنما أزمع على الشروع في هذا البحث من حيث انتهى سيدنا ومعلمنا من وضوح، لكي أقرر عبر ما أتلمس من أفكار أن ميزة المعلم الصدر هي "أُفقه الرحيب".
إن الافق الرحيب هو بداية وشرط التطور المعرفي في تاريخ الامم والشعوب، شرط أن يتابع هذا الافق إثراءاً في المفردات وسعة في الحدود، لا أن يثقل بالحواشي والملاحظات التفصيلية فيضيع ويُشتت. فالانبثاق والرؤية لا تخلق بالحواشي والمتابعة الحرفية والحوار على طريقة ان قلت، قلت. بل وليد مشروع لافق فسيح وروح كبير، وعصور الحواشي هي عصور الانحطاط في تاريخ العلم. اللهم ألهمنا أفقاً سليماً وروحاً رحيباً نقوى به على خدمة عبادك، واكتب اللهم بلطفك ثواب جهدي هذا لروح شهيد حقِّ طاعتك السيد محمّد باقر الصدر.
العقل الانساني واحد في تنوع مدركاته. فاختلاف طبيعة مدركات العقل البشري وتنوّعها لا يعني تنوع هذا العقل، وتقسيمه إلى مجموعة عقول، بل هو عقل واحد تتفاعل وتتعايش في رحابه معقولات متنوعة ومختلفة. ولعل طبيعة العقل هذه منشأ كثير من الجدال، الذي ملا أرجاء دراسة العقل العملي.
تاريخ هذا الدرس يكاد يبدأ من تاريخ الرشد العقلي للانسانية، تجده في حكمة اليونان وفلسفة الفرس والهنود. وقد دخل حوزة البحث العقلي الاسلامي في القرن الاوّل الهجري، واحتل مكان الصدارة في المبارزة الفكرية التي لم تنجُ من لعبة السلطان في قرون الازدهار العقلي الاسلاميّة. بل كاد العامل الحاسم في احماء وطيس المعركة الضروس بين فرق المسلمين، فكان فرسانه علماء الكلام المسلمين، وكان ميدانه الرسمي علم الكلام الاسلامي.
شكّل هذا البحث في حكمة الغرب والشرق القديم ما يسمّى بعلم الاخلاق وفلسفة الاخلاق ونظرية الاخلاق. وقد تعرض الفلاسفة المسلمون لهذه الابحاث في دروسهم المنطقية عندما بحثوا قيمة القضايا وصدقها. وطرح في علم الكلام الاسلامي تحت عنوان "الحسن والقبح" وهل هما مدركان عقليان أم لا؟
يتبع إكمال البحث ... تحميل المقال Pdf
تحميل الملف
إخترنا لكم
- هل هدمت فيزياء الكم قوانين المنطق الراكزة في عقولنا
- قراءة في كتاب عري الثقافة أو ثقافة العري
- نظرية الكم ومبدأ عدم اليقين ما بين المنطق والوهم
- الصحيفة السجادية كنز مغفول عنه
- تحدي الحجاب لحضارة الغرب
- أخلاق هذا الزمن
- العدل الإلهي في دولة الإمام المهدي عليه السلام - محاضرة علمية
- مقدمة مؤلف كتاب المهدي الموعود في ضوء الاستقراء
آخر الأسئلة و الأجوبة
- هل ان الحديث المقطوع هو نفسة الحديث المعلق؟
- ما مدى صحة قول الزهراء لعلي " اشتملت شملة الجنين وقعدت قعدة.. الخ"
- لمن نقرأ في البحوث التفسيرية والعقدية ؟
- ماهو منهج الفيض الكاشاني في كتابه الوافي ؟
- هل المهم أن نحفظ القرآن أو نستنطقه ونتدبره
- ما المقصود بالتعارض البدوي في الروايات الشيعية ؟
- متى نرى فقه الواقع أحكاماً وعقائداً ؟