أهل البيت عليهم السلام تنوع أدوار ووحدة هدف
أهل البيت عليهم السلام تنوع أدوار ووحدة هدف
المؤلف: السيد محمد باقر الصدر
كتاب مهم يطرح فيه السيد الشهيد رضوان الله عليه نظريته، في أن الأدوار التي عاشها أئمة أهل البيت عليهم السلام قد تتنوع، ولكن هدفهم جميعاً واحد، على مستوى القول والعمل والسلوك.
ولنأخذ مثالاً عندما عندما يتحدث رضوان الله عليه عن أمير المؤمنين عليه السلام :
والظاهرة الواضحة في هذه الأربع أو الخمس سنوات التي مارس فيها الإمام عليهالسلام عملية الحكم، هي وإلى أنْ خرّ صريعاً في سبيل إقامة عدل الله على الأرض ، كان غير مستعدٍّ بأيّ شكلٍ من الأشكال وفي أيّ صيغةٍ من الصيَغ لتقبّل أنصاف الحلول بالنسبة إلى تصفية هذا الانحراف ، أو لتقبّل أي معنىً من معاني المساومة أو المعاملة على حساب هذه الأُمّة التي كان يرى بكلّ حرقة وألَم أنّها تهدر كرامتها وتُباع بأرخَص ثمَن.
هذه الظاهرة تسترعي الانتباه سياسياً من ناحية ، وتسترعي الانتباه فقهياً من ناحية أُخرى :
- أمّا من الناحية السياسية فقد استرعت انتباه أشخاص معاصرين للإمام عليه السلام واسترعت انتباه أشخاص حاولوا أنْ يُحلّلوا ويدرسوا حياة الإمام عليه السلام.
فقد لوحظ على الإمام عليه أفضل الصلاة والسلام: أنّ عدم تقبّله بأيّ شكل من الأشكال لهذه المساومات وأنصاف الحلول كأن يُعَقّدُ عليه الموقف، ويثير أمامه الصعاب ويرسّخ المشاكل ويجعله عاجزاً عن مواجهته لمهمّته السياسية ، والمضيّ بخطّ تجربته إلى حيث يريد .
فمثلاً : ذاك الشخص الذي جاء إليه بعقلية هذه المساومات واقترح عليه أنْ يُبقي معاوية بن أبي سفيان والياً على الشام برهةً من الزمن قائلاً : إنّ بإمكانك إبقاء معاوية والياً على الشام برهةً من الزمن وهو في هذه الحالة سو يخضع ويُبايع وبعد هذا يكون بإمكانك استبداله أو تغييره بأيّ شخصٍ آخر ، بعد أنْ تكون قد استقطبت كل أطراف الدولة وقد تمّت لك البيعة والطاعة في كل أرجاء العالم الإسلامي ، فاشترِ بإبقاء هذا الوالي أو ذلك الوالي ، هذا الحاكم أو ذلك الحاكم، بإبقاء هذه الثروات المحرّمة في جيب هذا السارق أو في جيب ذلك السارق برهة من الزمن، ثمّ بعد هذا يمكنك أنْ تصفّي كل هؤلاء الولاة الفجَرة وترجع كل هذه الثروات المحرّمة إلى بيت المال .
فالإمام عليه السلام في جواب هذا الشخص، رفَض هذا المنطق واستمرّ في خطّه السياسي يرفض كلّ مساومة ومعاملة من هذا القبيل، ومن هنا قال معاصروه ، وقال غير معاصريه أنّه كان بإمكانه أنْ يُسجّل نجاحاً كبيراً، وأنْ يُحقّق توفيقاً من الناحية السياسية أكثر ، لو أنّه قبِل أنصاف الحلول ، ولو أنّه مارس هذا النوع من المساومات ولو بشكلٍ مؤقت .
- أمّا من الناحية الفقهية فهيَ ناحية التزاحم ، الفقه يقول : بأنّه إذا توقّف واجبٌ أهم على مقدّمة محرّمة فلا بدّ من الحفاظ على ذلك الواجب الأهم ، وفي سبيل حرمة المقدّمة لا يجوز تبرير ترك الواجب الأهم حينما يُقال ذلك، إذا توقّف إنقاذ نفسٍ محترمة من الغرَق على اجتياز أرضٍ مغصوبة لا يرضى صاحبُها باجتيازها ، فلا بدّ من اجتيازها حيث تسقط هنا حرية هذا المالك وعدم رضاه ؛ لأنّ النتيجة أهمّ من هذه المقدّمة، كما فعَل رسول الله صلى اللهعليه وآله في بعض غزواته مثالاً مشابهاً لهذا المثال ، حيث كان الجيش الإسلامي مضطراً إلى الخروج من المدينة عن طريقٍ معيّن ، وهذا الطريق كان فيه مزرعة لأحد الصحابة ، وكان لا بدّ للجيش حينما يمرّ على هذه المزرعة وبحكم طبيعة مروره كجيش من أنْ يتلف كثيراً من محاصيل هذه المزرعة ويصيبها بأضرار، فصاحب المزرعة ما هان عليه أنْ يقدّم هذه الأضرار في سبيل الله وفي سبيل الرسالة. احتجّ على ذلك وصرَخ ثمّ جاء إلى رسول الله صلى اللهعليه وآله فقال : مزرعتي ومالي ، فلَم يُجبه رسول الله صلى اللهعليه وآله واصدر أوامره إلى الجيش ، فمشى في هذه المزرعة حتى لم يبقَ في هذه المزرعة شيء ممّا كان يَخاف تلفه صاحب المزرعة إلاّ وتلَف. كل ذلك لأنّ النتيجة كانت أهمّ من المقدّمة كان هذا الجيش يسير لأجل أنْ يغيّر وجه الدنيا ولأجل تغيير وجه الدنيا إذا تلفت مزرعة، إذا ضاعت هناك ثروة صغيرة لشخص، في سبيل أنْ يحفظ مقياس توزيع الثروات في العالم على الخطّ الطويل الطويل، فهذا أمرٌ صحيحٌ ومعقول من الناحية الفقهية، فمن الناحية الفقهية دائماً يُقرّر أنّ الواجب إذا توقّف على مقدّمة محرّمة وكان ملاك الواجب أقوى من ملاك الحرمة : فلا بدّ أنْ يقدَّم الواجب على الحرام .
فهذا الموقف لأمير المؤمنين عليه السلام هو نفسه لو كان ابنه الحسن أو الحسين أو علي بن الحسين عليهم السلام حاضراً في نفس العصر، فأدوراهم وإن اختلفت ولكن هدفهم واحد، فيجسّدوا نفس ذلك الهدف أو الفعل عند ذلك الدور .
تحميل الملفإخترنا لكم
- ظاهرة الغلو في الدين .. مقاربات ومعالجات
- تكريمنا في المهرجان العالمي البحثي لاسبوع التحقيق السنوي
- رويكردى نو حديث غدير ( مقاربة جديدة في حديث الغدير )
- قناة كنوز المعرفة / قناة فكرية تخاطب العقل الإنساني الواعي
- تطبيق " صدرنا " كتب وبحوث المفكر الإسلامي محمدباقر الصدر
- صدور كتاب النظرية المهدوية في واقعها العقلي والروائي
- العلم الإجمالي وتطبيقاته على النصوص الحديثية والكلامية
- دراسة حديثة تتناول مناهج المحدثين في التشدد والتساهل والاعتدال وانعكاسه على التراث الحديثي
آخر الأسئلة و الأجوبة
- ما المقصود بالتعارض البدوي في الروايات الشيعية ؟
- متى نرى فقه الواقع أحكاماً وعقائداً ؟
- لايزال ذم المرأة في عصر الحداثة وكونها ناقصة العقل ..كيف تردون على ذلك ؟
- كيف تقرؤون المفاهيم القيمية والإنسانية عند الإمام الكاظم (ع)
- هل توجد قواسم مشتركة لتوحيد كلمة المسلمين ولاسيما في هذا الظرف الدقيق والحساس
- حلاوة وزينة ذكر علي عليه السلام
- ما صحة هذا القول : إنّ الشيعة لا يحتاجون لعلم الجرح والتعديل؛ لان عندهم المعصوم