قبس من القرآن (2) الأخلاق السلوكية ( الرأفة والرحمة )
قبس من القرآن (2)
الأخلاق السلوكية ( الرأفة والرحمة )
لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (التوبة ١٢٨)
فهم منطوق النص القرآني
الرسول صلى الله عليه وآله هو المخاطب بهذه الآية الكريمة.
وهذا الرسول انتخبه الله تعالى من أنفسكم . فما هي الحكمة في قوله تعالى " من أنفسهم " ولم يقل " منكم "
ولعل السبب في ذلك هو أن الرسول الأكرم كان مرتبطًا بهذه الشريحة من الناس عاش معهم ومطلع على همومهم ومشاكلهم وآلامهم وكل صغيرة وكبيرة فيهم، فهو محيط بكل ما هو إيجابي وسلبي في ذلك المجتمع الذي كان يعيش فيه، فهو العالم بمصالحهم ولا ينطق بشيء يضرهم أو بخلاف مصلحتهم .
لذلك جاء ذيل الآية " رؤوف رحيم " ما يدلل على ما تقدم آنفاً.
ثم إن مفردتي " رؤوف رحيم " لم تذكر لأي نبي سوى الخاتم ( ص)، وهذه من خصوصياته (ص). لذلك نقرأ تأكيد هذا الأمر بآية أخرى، تدل على رأفته ورحمته، بل كان رسول ( ص) هو الأمان للبشرية جميعها، وهذه خصوصية أخرى لرسول الرحمة، لكي يعود العاصي ويتوب، قال تعالى :
" وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ " / الأنفال، 33 . فرسالته قوامها مبني على هذا الأصل وهو الرحمة فلا يعذبهم الله؛ لأنك فيهم يارسول الله (ص) .
ثم نجد للعامل الأخلاقي ذلك التأثير الكبير في النفوس، وهذا أمر فطري وجداني، لذلك كان عطوف عليهم رغم كل ما واجهه منهم من أذى وتحمل ما تحمل لكي يوصلهم لكمالهم،، فهو العزيز عليهم " عزيز عليه، حريص عليكم " فهو ينشد الخير لكم بكل وجوده ليحقق لكم رغباتكم من خلال سلوك الطريق المستقيم الذي يؤدي بكم الى الجنة، وهو لا ينتظر الشكر أو الجزاء منكم أبداً .
وطبعًا في هذه الآية رسالة لمن يملك زمام الأمور أو القائد أن يكون سلوكه مع الناس بالرأفة والرحمة؛ ليكسب ودهم ويحقق أمانيهم، وفي نفس الوقت يكون حريص عليهم .
وأيضًا يجب على الناس أن ينقادوا لهذا الرسول، الذي فيه هذه الصفات الأخلاقية السلوكية التي بعثه الله تعالى بها، فهناك علاقة متبادلة بين الحاكم والمحكوم، بقرينة السياق وما تحمله الآيات الأخرى بعد هذه الآية الكريمة .
وهذا ما نفهمه من" القيود المأخوذة في الكلام من الأوصاف أعني قوله "رَسُولٌ" و " مِنْ أَنْفُسِكُمْ" و "عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ"
وجميعها مسوقة لتأكيد الندب والإستحباب إلی إجابته وقبول دعوته صلى الله عليه وآله، ويدل عليه قوله في الآية التالية: "فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ".
انظر؛
تفسير الميزان، الطباطبائي، محمد حسين.
الأمثل؛ الشيرازي،مكارم.
إخترنا لكم
- المثلية والشذوذ الجنسي وتأثيراتها في العصر الحديث (دراسة قرآنية)
- حين ينطق الكون ، حوارات في العقل والإيمان - الحلقة الأولى
- سُنّة التواضع العلمي في ضوء التفسير الموضوعي
- صناعة الجهل - الحلقة الأولى: صندوق الجهل المُصنّع
- كيف أُربّي ابني "المشاكس؟ مقاربة تربوية معرفية
- حرية الإنسان وحرمة التجسس في ضوء القرآن الكريم
- الإرادة الحرة في الفكر الإسلامي والغربي - مقاربات عقلية ونصية
- ظاهرة الغلو في الدين .. مقاربات ومعالجات
آخر الأسئلة و الأجوبة
- لماذا هذا البكاء الكثير على الحسين عليه السلام ؟
- مخطط تفصيلي لخريطة ومشجرة تقسيم الخبر
- هل يمكن أن نختزل ثورة الإمام الحسين بالبكاء كما يصوّره لنا بعض الخطباء ؟
- شبهة التنافي بين علة الغيبة ـ خوف القتل ـ وبين العلم بموته
- كبار علماء المدرسة السنية يوثقون حديث الغدير
- هل أن الشيعة لهم علم في الجرح والتعديل
- كيف نتعامل مع الإشاعة وما هي الطرق لمواجهتها