ثنائية التشريع والتبليغ للنبي والائمة عليهم الصلاة والسلام
ثنائية التشريع والتبليغ للنبي والائمة عليهم الصلاة والسلام .
مسالة التشريع أو التبليغ للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله مسألة جدلية قد تناولها الفكر السني والشيعي على حد سواء، فعلماء السنة مثلاً يناقشون في هذه الثنائية وهي: هل ان رسول الله صلى الله عليه وآله مشرع أم أنه فقط ناقل للتشريع ومبين له وظيفته التبين لا أكثر ولا أقل من ذلك. والتشريع في الحقيقة ينحصر بالله تبارك وتعالى . ولعل الاغلب يتفق على ان النبي يوحى له، وهذا تشريع بإذن الله، قال تعالى: وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
وهناك رؤية أخرى لهم وهي انه قد يجتهد في بعض المسائل التي لم يوح إليه فيها، فإن أقر على اجتهاده فإقراره يدل على إصابته ويكون وحيا يلزم العمل به، لأنه لا يقر على خطأ، وإن لم يقر على اجتهاده فالشرع هو ما نزل به الوحي.
واما في المدرسة الشيعة فهناك آراء متضاربة ايضا .
ولعل الصواب هو أننا لو نقحنا في الرتبة الأولى أن السنة وحي ، وهي ليس في عرض الله تبارك تعالى بل هناك طولية وترتب . وفي هذا الصدد عندنا روايات كثيرة توكد مسألة التشريع للنبي صلى الله عليه وآله .
كما في صحيحة فضيل بن يسارعن الصادق عليه السلام : إنّ الله عز وجل أدب نبيه فأحسن أدبه، فلما أكمل له الأدب، قال؛ (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ( ثم فوّض إليه أمر الدين والأمة ليسوس عباده، فقال (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا(، وإن رسول الله(ص) كان مسدّداً موفقاً مؤيداً بروح القدس لا يزلّ ولا يخطئ في شيء مما يسوس به الخلق فتأدّب بآداب الله، ثم إن الله عز وجل فرض الصلاة ركعتين ركعتين عشر ركعات، فأضاف رسول الله(ص) إلى الركعتين ركعتين وإلى المغرب ركعة .. الخ .
وكذلك رواية أبي ربيع الشامي، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله حرّم الخمر بعينها فقليلها وكثيرها حرام، كما حرّم الميتة والدم ولحم الخنزير، وحرّم رسول الله(ص) الشراب عن كل مسكر، وما حرمه رسول الله(ص)فقد حرّمه الله عز وجل . وهناك الكثير من الروايات في هذا الصدد .
وهذا في الحقيقة فيه دلالة واضحة على التشريع .
قال السيد الطباطبائي معقبا على تفسير آية الأحزاب 6:
)إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) فهذا ما ذكره الله تعالى من ولاية لنفسه في كلامه، ويرجع محصلها إلى ولاية التكوين وولاية التشريع، وإن شئت سميتهما بالولاية الحقيقية والولاية الاعتبارية، وقد ذكر الله سبحانه لنبيه ص من الولاية التي تخصّه الولايةَ التشريعية، وهي القيام بالتشريع والدعوة وتربية الأمة والحكم فيهم والقضاء في أمرهم، قال الله تعالى (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ). الميزان ج19ص111.
اضف إلى ذلك لو قلنا بفرضية أن السنة تنسخ القرآن فيكون الرسول صلى الله عليه وآله مشرعا ولكن لا بمعنى الاستقلالية بل التبعية والطولية، اذن فلا غضاضة من القول بالتشريع للرسول صلى الله عليه وآله بهذا اللحاظ وهذا لا يعني الندية وانه تشريع في قبال الله جل وعلا فهذا لايقول به مسلم عاقل .
وأما الائمة صلوات الله عليهم فاننا نقول : ان الوحي قد انقطع بعد رسول الله وهذا بدهي وواضح . وعلم الإمام ليس وحيا كما يريد البعض ان يشوه عقيدة الشيعة بشبهات لاطائل منها . فعلومهم لم تنحصر بالوحي بل ان هناك طرقا وأساليبا متعدّدة كالتحديث والإلهام والإلقاء في الروع وروح القدس .
عن الصدوق في الخصال قال: " إنّ الإمام مؤيّد بروح القدس، وبينه وبين الله عزّ وجلّ عمود من نور يرى فيه أعمال العباد، وكلّما احتاج إليه لدلالة، اطّلع عليه"
وقال الإمام الرضا عليه السلام: "إنّ الله عزّ وجلّ أيّدنا بروح منه مقدّسة مطهّرة ليست بملك، لم تكن مع أحد ممّن مضى، إلاّ مع رسول الله، وهي مع الأئمّة منّا تسدّدهم وتوفّقهم، وهو عمود من نور بيننا وبين الله عزّ وجلّ" وغير ذلك من الروايات .
لذا قال الشيخ المفيد: «وعندنا أنّ الله تعالى يُسمِع الحجج بعد نبيه صلى الله عليه وآله كلاماً يُلقيه إليهم في علم ما يكون، لكنّه لا يُطلَق عليه اسمُ الوحي؛ لما قدّمنا: من إجماع المسلمين على أنّه لا وحي إلى أحد بعد نبينا’، وأنّه لا يقال في شيء ممّا ذكرناه: إنّه وحي إلى أحد»
فيمكن لهم ان ينطقوا باحكام معينة ولكن ليس بمعنى الوحي بل بطرق اخرى كما تقدم ذكرها كالنقر والتحديث او روح القدس .
إخترنا لكم
- ظاهرة الغلو في الدين .. مقاربات ومعالجات
- تكريمنا في المهرجان العالمي البحثي لاسبوع التحقيق السنوي
- رويكردى نو حديث غدير ( مقاربة جديدة في حديث الغدير )
- قناة كنوز المعرفة / قناة فكرية تخاطب العقل الإنساني الواعي
- تطبيق " صدرنا " كتب وبحوث المفكر الإسلامي محمدباقر الصدر
- صدور كتاب النظرية المهدوية في واقعها العقلي والروائي
- العلم الإجمالي وتطبيقاته على النصوص الحديثية والكلامية
- دراسة حديثة تتناول مناهج المحدثين في التشدد والتساهل والاعتدال وانعكاسه على التراث الحديثي
آخر الأسئلة و الأجوبة
- هناك من يدعي المنافاة بين طول العمر والعادة المطردة لقصر العمر
- مخطط تفصيلي لخريطة ومشجرة تقسيم الخبر
- كيف تفسرون موقف السيدة زينب الذي أسقط النسخة المزيفة للإسلام الأموي؟
- الاقتران بين الحب للعترة الطاهرة والعمل هما المنجيان
- ما هو الكتاب المهم في رد الإلحاد المعاصر
- كيف نخلق ثقافة المحبة وخلق الإبتسامة في المجتمع
- كيف تفسرون مقولة: نصف العلم قول لا أعلم؟