العلم الإجمالي وتطبيقاته على النصوص الحديثية والكلامية
#العلم_الإجمالي وتطبيقاته على النصوص الحديثية والكلامية/ دراسة نقدية مختصرة.
هناك من يطبّق العلم الإجمالي على النصوص الحديثية أو الكلامية
، بمعنى أنه قد يشطب على جملة وافرة من النصوص بحجة الشك في جميع أطرافها ، أما شكًا في سندها أو مضمونها.
لعل هذا البحث تخصصي نوعًا ما، مع إني أحاول بقدر الإمكان توضيحه . وهو مهم على رغم اختزالي له، فهو يفتح نافذة لنقد البعض الذي قد لا يقع على مقاصد هذا العلم بصورة دقيقة مع بداهته ووضوحه.
نعود الى إشكاليتنا ؛
ماذا نقصد من العلم الإجمالي؟
نقصد به اننا نعلم ونجزم بوجود جامع في ضمن طرف من أطراف متعدّدة، مع الجهل بالطرف الذي يقع الجامع واقعاً في ضمنه.
فركائز العلم الإجمالي هي ؛
1. العلم .
اي اننا نقطع بوجود واحد من الأطراف في ضمن هذه المجموعة المشكوكة.
2. الجهل
بمعنى أننا نشك في اي واحد من هذه الأطراف هو الواقعي فنجهله.
ونقصد بالجامع أن هناك شيء( كلي) في ذهني اعلمه قطعًا لنسميه (الصلاة ) مثلاً، فهو قد ينطبق على مصاديقه فقد تكون ( الظهر أو العصر أو الصبح أو الجمعة وهكذا )
هذا المنهج طبّقه الشيخ (صالحي نجف آبادي) في كثير من مفرداته وكلماته في بعض كتبه.
وهو منهج غريب جدًا وبعيد عن الواقع وعن ما تكلم به الأصوليون.
لأن ذلك مخالفًا لبديهيات فهم هذا العلم ( الإجمالي ) فلا يمكن أن نطبق البراءة لهذه الأطراف بعد علمي القطعي بوجود احدهما المشكوك؛ والقطع حجيته ذاتية.
ومن المعلوم أن " حجية هذا القطع تفرض علينا أن نأتي بأحد الامرين على أقل تقدير. فلو حكم الشارع بالبراءة في كل من الطرفين لكان معنى ذلك الترخيص منه في مخالفة العلم "
وفي نفس الوقت لا يمكن أن نرجّح بعض الأطراف على بعض، فلا يوجد مبرر عقلائي للترجيح، لأن الشك يسري على الجميع . فلو " نتسأل حينئذ أي الطرفين نرجّحه على الآخر، فسوف نجد أننا لا نملك مبررًا لترجيح أي من الطرفين على الآخر، لان صلة القاعدة بهما واحدة"
إذن العقلاء وسيرتهم تفرض القول أننا نحتاط لا أننا نجري البراءة ونترك المشكوك به الذي كنا نجزم بوجوده .
وهذا يعني " أن كل طرف من أطراف العلم الاجمالي يظل مندرجًا ضمن نطاق القاعدة العملية الأساسية القائلة بالاحتياط ما دامت القاعدة الثانوية عاجزة عن شموله"
والمقصود من القاعدة الثانوية أي نجري البراءة ونترك ما قطعنا وعلمنا به في جميع الأطراف المشكوكة .
وطبعًا كلامنا في الشك الناتج عن العلم لا الشك البدوي الذي يخلو من علمي بهذه الأطراف أو النصوص كما طبقها بعضهم .
فهو يعلم بها أي بهذا البعض منها قطعًا وجزمًا؛ لأنه لو نفاها لا يبقى حجرًا على حجر في السنة النبوية، التي هي الثقل الثاني الذي نقطع بوجوده ، والذي يقطع هو بالتمسك به؛ لأن مخالفته يعني الضلال. لحديث الثقلين المتواتر الذي يؤمن به. وطبعًا نعني بالسنًة الأخبارة الصحيحة القطعية . وهنا لا يمكن أن نجري أصالة البراءة. بمعنى تركها جميعًا؛ لأن هذا خلاف القطع أي العلم. فالبراءة عاجزة كليًا في تطبيقها على موادرد العلم في البعض منها. وهنا لا تجب المخالفة القطعية للكل . بل الموافقة القطعية ؛ لأن العقل يفرضها، بمعنى آخر لابد من الاحتياط.
فإذا فهمنا ذلك فتسط حجية هذا الفهم للنصوص، ولا نعلم هل يمكن ان نبرر هذا الفهم بمفاد علمي واقعي، وما هي الأدوات التي يمكن ان نستخدمها لتبرير ذلك.
لا أعتقد ذلك، ولكن الذي اعتقده لكثرة ما قرأه وحقق فيه سماحة الشيخ صالحي نجف آبادي - وما وجده في التراث من نصوص الغلاة وغيرهم أو الوضع أو الدس و..ولا سيما تطبقاته ومقارناته، والرجل متابع ومحقق وعلى بصيرة في ذلك - شكّل عنده في ذهنه الباطني ما اُسميه ب " العقدة النفسية " التي جعلته ُيسقط فهمه على هذا التراث الذي يضم بين دفتيه الصحيح والسقيم .
والله العالم .
#يحيى_عبد_الحسن
إخترنا لكم
- حين ينطق الكون ، حوارات في العقل والإيمان - الحلقة الأولى
- سُنّة التواضع العلمي في ضوء التفسير الموضوعي
- صناعة الجهل - الحلقة الأولى: صندوق الجهل المُصنّع
- كيف أُربّي ابني "المشاكس؟ مقاربة تربوية معرفية
- حرية الإنسان وحرمة التجسس في ضوء القرآن الكريم
- الإرادة الحرة في الفكر الإسلامي والغربي - مقاربات عقلية ونصية
- ظاهرة الغلو في الدين .. مقاربات ومعالجات
- تكريمنا في المهرجان العالمي البحثي لاسبوع التحقيق السنوي
آخر الأسئلة و الأجوبة
- كيف لي أن أتقبل النقد ؟ وهل النقد حالة صحيّة ؟
- كيف يحصل لي اليقين القطعي بوجود الله تعالى ؟
- ما الفرق بين الاحتياط الوجوبي والاستحبابي ، من حيث دلالة الدليل و فعل المكلف
- ماهي المعايير التی یجب أن يتحلى بها الباحث أو الكاتب
- ماهي معايير الشيخ الكليني في تعارض الأحاديث
- لمن نقرأ في البحوث التفسيرية والعقدية ؟
- كيف تفسرون مقولة: نصف العلم قول لا أعلم؟