الدكتور بشار عواد وفهمه المغلوط لمعنى البداء
الدكتور بشار عواد وفهمه المغلوط لمعنى البداء
المحقق المعروف (بشار عواد ) في كلام له على اليوتيوب ينتقص من الشيعة بتعريف البداء، وينسب لهم أقوالاً لا تتناسب مع ما قاله مفكري الشيعة في عقيدة البداء ، فما هو ردكم على ذلك ؟
الجواب :
للأسف لم أطلع على كلام الدكتور بشار عواد ، ولكن يبدو أنه يردد ما قاله القدماء من هذه الشبهة التي تفتقر للفهم الصحيح لمعنى البداء الذي قد يتراءى منه معنى الجهل للذات الالهية تعالى الله عن ذلك .
إن ّمفهوم البداء واضح جداً في منظومتنا الفكرية الشيعية، وينطبق على ما ورد في النصوص الروائية التي وردت عن أهل بيت العصمة والطهارة ، وهذا المفهوم لا يخالف العقل والفطرة السليمة .
ورحم الله السيد الخوئي حينما خاطب بعض العقول التي لم تحسن الفهم كما يعبر، بقوله :
وبمناسبة خفاء معنى البداء على كثير من علماء المسلمين ، وأنهم نسبوا إلى الشيعة ما هم براء منه ، وأنهم لم يحسنوا في الفهم ولم يحسنوا في النقد ، وليتهم إذ لم يعرفوا تثبتوا أو توففوا كما تفرضه الأمانة في النقل ، وكما تقتضيه الحيطة في الحكم، والورع في الدين . ( انظر : البيان، ص385)
ومفهوم البداء: هو إظهار ما خفي على الناس من مصالح التشريع وملاكات الأحكام . فالخفاء على الناس وليس على الله، وهذه نقطة مهمة يجب الالتفات لها .
وليس هناك جهل على الاطلاق . الله تعالى مطلع على جميع ما في الكون ظاهرها وباطنها، فالله تعالى قد يمحو وقد يثبت في قضائه وحكمه، ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب )
والبداء إنما يكون في القضاء الموقوف المعبر عنه بلوح المحو والاثبات ، والالتزام بجواز البداء فيه لا يستلزم نسبة الجهل إلى الله سبحانه وليس في هذا الالتزام ما ينافي عظمته وجلاله، فالقول بالبداء : هو الاعتراف الصريح بأن العالم تحت سلطان الله وقدرته في حدوثه وبقائه ، وأن إرادة الله نافذة في الأشياء أزلا وأبدا، هذا ما يفهمه علماء الشيعة من البداء .
والنصوص الروائية تشير لهذه الحقيقة الواضحة :
عن الامام الصادق عليه السلام :" من زعم أن الله عز وجل يبدو له في شئ لم يعلمه أمس فابرأوا منه " ( الصدوق، الاعتقادات في دين الإمامية، ص 40)
وعنه أيضاً عليه السلام : " إن الله يقدم ما يشاء ، ويؤخر ما يشاء ، ويمحو ما يشاء ، ويثبت ما يشاء وعنده أم الكتاب .. فكل أمر يريده الله فهو في علمه قبل أن يصنعه ، ليس شئ يبدو له إلا وقد كان في علمه ، إن الله لا يبدو له من جهل " ( الكافي ج1 ص 146 )
دققوا كيف ينزّه الامام عليه السلام الله جل وعلا عن الجهل .
وهناك من علماء الشيعة، وهو المازندراني تعقب أحاديث البداء في الكافي وعلق عليها :
أنه سبحانه كان في الأزل عالماً بأنه يمحو ذلك الشيء في وقت معين لمصلحة معينة عند انقطاع ذلك الوقت وانقضاء تلك المصلحة، ويثبت هذا الشيء في وقته عند تجدد مصالحه، ومن زعم خلاف ذلك واعتقد بأنه بدا له في شيء اليوم مثلاً، ولم يعلم به قبله، فنحن منه براء .( انظر ، شرح اصول الكافي ج 4 ص251)
وقد فهم ابن حجر هذا المعنى الذي يتواءم مع ما قاله علماء الشيعة :
قال ابن حجر: "قوله: (بدا لله) أي سبق في علم الله فأراد إظهاره، وليس المراد أنه ظهر له بعد أن كان خافياً؛ لأن ذلك محال في حق الله تعالى " ( انظر : فتح الباري، ج 6 ص 364) وهذا القول من ابن حجر هو صريح مفكري الشيعة وعلمائهم .
وألفت النظر الى نقطتين مهمتين:
الأولى : أن موضوع البداء وتحققه يقع في القضاء والحكم غير المحتوم .والذي يقول به الإمامية ومفكريهم هو هذا النوع من البداء ، وأما القضاء المحتوم فلابد أن تتعلق به المشيئة الإلهية ووقوعه حتمي.
وقد روي عن الإمام علي عليه السلام: أن العلم علمان، فعلم علمه الله ملائكته ورسله، فما علمه ملائكته ورسله فإنه يكون، ولا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله وعلم عنده مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه يقدم منه ما يشاء ويؤخر ما يشاء ، ويمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء .
والثانية : هناك من خلط بين النسخ والبداء، والذي يقع فيه الجهل هو موضوع النسخ، وهذا ما أشار اليه الشيخ مغنية رحمه الله بقوله :
" اتفق المسلمون جميعاً على عدم جواز النسخ في الطبيعيات؛ لأنه يستلزم الجهل وتجدد العلم لله، وحدوثه بعد نفيه عنه . تعالى عن ذلك علوا كبيرا ، ويسمى هذا بالبداء الباطل، وقد نسبه البعض إلى الإمامية جهلاً أو تجاهلاً، رغم تصريحاتهم المتكررة بنفيه . ( انظر: الشيعة في الميزان، ص 35)
فنقول للدكتور بشار عواد : تأمل ودقق بما تقرأ وكن منصفاً في حكمك على الآخرين، فكما تدقق في كتاب التهذيب وسير أعلام النبلاء بتحقيقك لهما في كل شاردة وواردة ، كن كذلك في فهم مصطلاحات الشيعة، فالله تعالى مطلع على كل شيء ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها في حساب دقيق وموزون .
إخترنا لكم
- ظاهرة الغلو في الدين .. مقاربات ومعالجات
- تكريمنا في المهرجان العالمي البحثي لاسبوع التحقيق السنوي
- رويكردى نو حديث غدير ( مقاربة جديدة في حديث الغدير )
- قناة كنوز المعرفة / قناة فكرية تخاطب العقل الإنساني الواعي
- تطبيق " صدرنا " كتب وبحوث المفكر الإسلامي محمدباقر الصدر
- صدور كتاب النظرية المهدوية في واقعها العقلي والروائي
- العلم الإجمالي وتطبيقاته على النصوص الحديثية والكلامية
- دراسة حديثة تتناول مناهج المحدثين في التشدد والتساهل والاعتدال وانعكاسه على التراث الحديثي
آخر الأسئلة و الأجوبة
- هل أن الشيعة لهم علم في الجرح والتعديل
- كيف لي أن أتقبل النقد ؟ وهل النقد حالة صحيّة ؟
- حلاوة وزينة ذكر علي عليه السلام
- كيف نتعامل مع الإشاعة وما هي الطرق لمواجهتها
- كبار علماء المدرسة السنية يوثقون حديث الغدير
- ما الفرق بين الاحتياط الوجوبي والاستحبابي ، من حيث دلالة الدليل و فعل المكلف
- ماهو رأي علماء السّنة بالمذهب الشيعي ؟